زيارة ترامب .. دبلوماسية ضبابية!

منذ فوزة بانتخابات الرئاسة الأميركية، استطاع ترامب أن يحرك كثيراً من الساكن في العالم من خلال مواقف ودبلوماسية واقعية متناقضة شديدة التغير مثل السفينة الدوارة في مدينة الملاهي، ترتكز على أميركا أولاً ومبدأ المصالح المشتركة لا القيم المشتركة.
حالياً والمتابع لما يجري على الساحة الدولية يستطيع أن يرى حجم الحراك الدبلوماسي العالمي بقيادة واشنطن للتعاطي مع الحرب في اوكرانيا وإعادة تغيير العلاقة مع روسيا، الهجمات على الحوثيين والاتفاق المفاجئ معهم، مسار دبلوماسي واقعي ونشط مع إيران حول برنامجها النووي، حراك دبلوماسي حتى مع حماس لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، حراك دبلوماسي أوروبي أوروبي وطبعا دبلوماسية وحراك ثنائي صيني أميركي في جنيف من أجل إدارة وحل الحرب التجارية بينهما.
في ظل هذا الحراك العالمي تأتي زيارة الرئيس ترامب لمنطقة الشرق الأوسط والمتمثلة بزيارة ثلاث دول خليجية هي المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، ودولة قطر. هذه الزيارة أثارت كثيراً من التوقعات والتساؤلات نظراً أولاً لطبيعة شخصية الرئيس التي من الصعوبة التنبؤ بسلوكها وسياستها ومستوى حالة عدم الوضوح والرمادية التي تعصف بالعالم والإقليم.
هناك تفاؤل وتوقعات قد يكون مبالغاً فيها وهنالك حالة تشكيك وعدم تفاؤل حول هذه الزيارة، هل حقاً ترامب مهتم بالمساعدة في حلحلة أزمات وصراعات الإقليم؟ أم أن البعد الشخصي والمكاسب الشخصية وأميركا أولاً في مسألة صفقات تجارية هي الأولوية وهدف الزيارة.
في سياق الصفقات التجارية هنالك حديث عن إمكانية عقد صفقة ذات طبيعة عسكرية مع الرياض تصل إلى 100 مليار دولار، السعودية كانت قد تحدتث أنها تامل في إمكانية استثمار 600 مليار في الولايات المتحدة. الإمارات قطعا وقطر كذلك. ترامب يرغب كذلك في أن تبقي الدول الخليجية على أسعار نفط منخفضة. إضافة لما سبق هنالك البعد الشخصي الاستثماري لترامب وعائلته في دول الخليج والتي تقدر بملايين الدولارات.
أما على الصعيد السياسي والأمني هنالك عدم وضوح ناتج عن نهج ترمب والتي تعتمد على سلوكيات متناقضة غير واضحة تبقي الخصم في حالة ترقب وفزع قد تدفعه لتقديم تنازلات. فهنالك مثلا نهج متناقض لدى ترامب وخلاف داخل إدارته ومع إسرائيل اتجاه إيران يجمع بين التهديد والوعيد وحديث تفاوئلي عن اتفاق مع طهران. هل يريد ترامب سلام أم حرب، هنالك حالة عدم الوضوح حول غزة والضفة الغربية ومستقبلهما. هنالك قلق عميق ومشروع في المنطقة حول هذا الأمر. ما هي الرؤية أو نهاية اللعبة لهذه المسألة؟ هل هي تدمير غزة وضم الضفة الغربية من خلال إطلاق يد نتنياهو؟ أم حلم المفاجأة الذي يروج إليه حالياً من خلال صفقة تطبيع كبرى تتضمن اعترافاً بدولة فلسطينية غير محددة المعالم والطبيعة؟ كلها أسئلة مشروعة تتعلق بدبلوماسية شخصية وإدارة اميركيا أولاً وزمن الحليم فيه حيران.
وختاماً التوقعات ذات السقف العالي هي انهزام للنفس كما يقال.
* مدير مركز الدراسات الاستراتيجية-الجامعة الأردنية