الخطف المتصاعد في الجزيرة السورية: قلق وتساؤلات بلا إجابات تتفاقم مع شهادات مؤلمة

باتت ظاهرة اختطاف الأطفال والفتيات والشباب في منطقة الجزيرة السورية وخاصة في محافظتي الرقة والحسكة تبعث على قلق عميق وتساؤلات مريرة فبينما تشهد بقية المحافظات السورية حالات اختطاف نادرة الحدوث، يكاد لا يمر يومان في الجزيرة السورية دون أن تهز وسائل التواصل الاجتماعي أنباء عن طفل مفقود وتتضافر جهود الأهالي للعثور عليه.
هذا التفاوت الصارخ يثير العديد من علامات الاستفهام هل يعكس هذا الواقع تفلتاً أمنياً غير مسبوق في هذه المنطقة،
أم أن هناك أيادي خفية تقف وراء هذه العمليات المنظمة؟ تتضارب الأنباء حول مصير هؤلاء المختطفين فتارة يُشاع عن نقلهم إلى مناطق بعيدة كقنديل، وتارة أخرى يعود بعضهم إلى ذويهم في ظروف غامضة، وغالباً ما تُقفل القضايا ضد مجهول مما يزيد من حالة الضبابية والخوف.
ومما يزيد الأمر إيلامًا وقلقاً ما نشهده من وقائع ملموسة تروي فصولًا مأساوية. فمنذ فترة وجيزة، خرج ثلاثة أطفال من قريتهم الواقعة شرقي القامشلي بحثاً عن قوت يومهم في مكب للنفايات عاد اثنان منهم بعد خمسة أيام من الغياب القسري، بينما بقي مصير الثالث مجهولاً ووفقاً لما تناقله الأهالي، فإن طفلهم البالغ من العمر اثني عشر عاماً فقط، قد تم اقتياده من قبل رجل يُزعم أنه ينتمي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بهدف "تجنيده" ليصبح "كادراً" أو مسؤولاً كبيراً في صفوفهم والأكثر إيلاماً هو منع الطفل من زيارة أهله أو حتى استقبالهم، ولا يبدو أن هناك سبيلاً لعودته إلا برغبته الشخصية، رغم صغر سنه وعدم إدراكه الكامل لمثل هذه القرارات المصيرية.
إن هذه الحادثة المروعة وغيرها الكثير الذي لا يصلنا، تسلط الضوء بشكل قاسٍ على هشاشة الوضع الإنساني والأمني في المنطقة. هذا الوضع المحير يزرع الرعب في قلوب الأهالي على فلذات أكبادهم فبدلًا من أن ينعم الأطفال والشباب بطفولة آمنة ومستقبل واعد بات الخوف من المجهول شبحاً يلاحقهم ويقض مضاجع أسرهم.
إن تفاقم هذه الظاهرة يستدعي وقفة جادة ومساءلة حقيقية للجهات المعنية، سواء كانت سلطات محلية أو منظمات دولية. من الضروري الكشف عن الأسباب الجذرية لهذه العمليات وتحديد المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة كما يجب تعزيز الأمن وتوفير الحماية اللازمة لأهالي المنطقة وأبنائهم، والعمل بشكل خاص على ضمان سلامة الأطفال وحمايتهم من أي شكل من أشكال الاستغلال أو التجنيد القسري لعل الأمن والأمان يعودان يوماً ما إلى ربوع الجزيرة السورية.
مصطفى مهنا