البنك المركزي يثبت أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية كافة نفاع يهنئ غوشة بفوزه بمنصب نقيب المهندسين العفيشات يهنئ النسيب د. علي الخبايبة بالمولودة "آمنة" الدكتورة خالدة العساف .. الف مبارك هل تجاوزتِ الخمسين؟... هكذا تحمين نفسك من التوتر المزمن الربيع ليس أزهاراً وخضرة فقط... إحذروا فيروساته! إيصالات الشراء خطيرة على الصحة... كيف؟ أثر جانبي تجهلونه لشاي ماتشا! صقر أبو فخر والحرب الأهلية اللبنانية: تاريخ مختلف كتاب سياسي للجزائري الفرنسي كمال داود: "من أنصار التعدد والاختلاف" معرض في متحف نابو يدعونا كي نتعلم من التاريخ أرشيف الفاتيكان... حيث يتمركز التاريخ رئيس «مايكروسوفت» يدعو لاستلهام نموذج أبوظبي المتقدم في الذكاء الاصطناعي توقعات فصلية ضعيفة من شركة "أرم" مع إضافات مميّزة... إليكم موعد إصدار "GTA 6" أداة ذكاء اصطناعي تحدد العمر البيولوجي رئيسة "إنستاكارت" تنضم إلى مجلس إدارة "أوبن إيه آي" في دور محوري خدعة "مرحباً أمي"... القناع الجديد لسرقة أموالك عبر "واتساب" الشيخة موزة تُغيّر أسلوب التوربان في إطلالتها الجديدة للوك عصري نجوى كرم بتصاميم خالدة
+
أأ
-

هكذا أعادت الحرب الزراعة للعصر الحجري

{title}
صوت جرش الإخباري

على مرمى بصر المزارع محمود المصري، تترامى أرضه الجرداء في بيت لاهيا شمالي القطاع، تلك المزرعة التي كانت عامرة بالخضروات وأشجار الحمضيات والتوت الأرضي، أصبحت الآن بفعل الهجمات الإسرائيلية محضّ أنقاض وذكرى.  

"كانت خضراء طوال العام ورائحتها النفاذة الزكية تُرشد القادمين إلى المكان" يقول المصري بصوتٍ أجش وهو يستذكر أيامٍ خلّت في زراعته للفراولة المُعلّقة وأشتال من الزهور المستوردة النادرة عبر عقدٍ من الزمان.

تلك المزرعة التي أٌقيمت على مساحة خمس دونمات، كان يعيش على ريعها أكثر من ثلاثين فردًا ما بين عائلة المزارع المصري وعائلات العاملين معه فيها، أصبحوا جميعهم اليوم عاطلين عن العمل وانضموا إلى قافلة البطالة التي تتجاوز نسبتها 80%.

وعلى غرار خسارة المزارع المصري، تُشير تقديرات محليّة إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي جرّف ودمّر 35 ألف دونم، وأخرج الأراضي الزراعية في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون وشرق جباليا شمالي قطاع غزة، من دائرة الإنتاج الزراعي.

بالإضافة إلى ذلك، خسِر آلاف المزارعين أراضيهم ومزارعهم، ورؤوس أموالهم في مهنةٍ عملوا عليها على مدار عقود جيلًا بعد جيل، بينما خسِر قطاع غزة مئات الآلاف من الأشجار والأراضي الخضراء التي تحوّلت إلى كتل رمادية، كواحدة من أقسى تدّاعيات الحرب.   

ووفقًا لبلدية غزة، تعرّضت 300 ألف شجرة  لأضرار كليّة في الحدائق العامة والميادين في مدينة غزة وحدها جرّاء الحرب الإسرائيلية المندّلعة منذ 2023، بما في ذلك أشجار الزيتون التي تشتهر بها غزة. وتسبب هذا الدمار في تأثيرات واسعة على المحاصيل التي كانت مصدر دخل للعديد من العائلات في غزة.

 

في حديثٍ مع خبير الزراعة والبيئة، نزار الوحيدي، رسم صورةً قاتمةً لواقع القطاع الزراعي، الذي تحوّل من مصدرٍ للغذاء إلى ساحةٍ للدمار. وقال: "الأرض الخصبة تضررت بشكلٍ بليغ"، مشيرًا إلى أنّ 90% من الأراضي الزراعية أصبحت خارج الخدمة وتحتاج إلى إعادة تأهيل كاملة، بينما تعطّلت بالكامل الأنشطة الزراعية في المناطق المحاذية للحدود.

وأجمَلَ الوحيدي المناطق الزراعية التي تدمّرت كليًّا، بقوله: "جُرفت الأراضي الزراعية على امتداد الحدود الشرقية للقطاع بمساحة 30 ألف دونم، وكذلك في محور نتساريم وسط القطاع، اختفت مزارع العنب والتين وغيرها، كما شهدت رفح جنوب القطاع خرابًا واسعاً في الأراضي الخضرية بعد أن فرض الاحتلال سيطرته عليها".

أما البقية الباقية، فلا تتجاوز 10% من المساحات الخضراء السابقة، وتتركز في مناطق محدودة غرب الزوايدة وخانيونس، بمساحة إجمالية لا تصلّ حتى إلى 15 ألف دونم.

غزة التي كانت تُنتج أكثر من 25 نوعاً من الفواكه والخضروات، قبل الحرب، وتُوفِر قدراً كبيراً من الاكتفاء الذاتي، بحسب الوحيدي، تمر اليوم بأزمة غذائية تُهدد حياة السكان، بعد تدمير الاحتلال الإسرائيلي للبنية الزراعية وإغلاق المعابر، في ظلّ سياسةٍ يصفها الوحيدي بـ "التجويف المنظم لمقومات الحياة الأساسية".

واحدة أهم أنواع المزروعات التي تدّمرت بشكلٍ بليغ بفعل الهجمات العسكرية، هي أشجار الزيتون التي تعد جزءًا لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية الزراعية في قطاع غزة، حيث تُشير تقدّيرات وزارة الزراعة إلى تدمير 75% من زيتون القطاع إما بالحرق أو التجريف أو التدمير المباشر.

شرق دير البلح وسط قطاع غزة، يجلس المزارع محمود بركة على حجرٍ متهالك من ركام منزلٍ مجاور تهاوى على مزرعته إثر قصفٍ إسرائيلي فحوّلها إلى خرابة، بعدما كانت عامرة بأشجار الزيتون المثمرة لسنواتٍ طويلة.

في أغسطس 2024، خسِر بركة جميع مزروعات أرضه بما فيهم خمسون شجرة زيتون ورث زراعتهم عن أبيه وأجداده. يقول: "لم ينجُ من مزرعتي سوى شجرة زيتون واحدة من بين 50 شجرة. الأكثر قسوة هو فقدان 42 فردًا من عائلتي في الحرب"، فيما يُواجه اليوم الناجون الأربعة تحدّيات تأمين الغذاء والدواء في ظلّ انهيار القطاع الزراعي.

يُردف بعد تنهيدةٍ طويلة وهو ينظر إلى الأرض التي كانت تحقق له الاكتفاء الذاتي من الزيتون والزيت الفلسطيني الأصيل فتكفي 46 فرداً من عائلته طوال العام. "لقد فقدنا كل شيء، كل شجرة كانت تمثل جزءًا من حياتي، والآن أصبحت مجرد حطام".

المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة محمد أبو عودة، أفاد أنّ آليات الاحتلال الإسرائيلي دمّرت آلاف الأشجار من الزيتون التي تُمثل إرثًا ثقافيًا وزراعيًا عميقًا بالنسبة للغزيين، وقال: "إلى جانب الخسارة الاقتصادية الفادحة لمزارع الزيتون فإنّ خسارتها تعني فقدان جزء كبير من الهوية الزراعية للمنطقة."

وأشار أبو عودة إلى أنّ التدمير الإسرائيلي للأراضي التي كانت مزروعة بأشجار الزيتون في كافة محافظات القطاع قضى على أكثر من ثلثي المساحة الأصلية وعرّضها للهلاك والتجريف، إذ لم تعد صالحة للزراعة، بسبب كمية المتفجرات المُلقاة عليها.

 

فيما يخص الثُلث المتبقي من أشجار الزيتون الناجية -حتى اللحظة- من التدمير، إلى جانب المساحات الخضراء المتبقية بما نسبته 10%، تعاني مُعضلة البقاء في ظلّ تدمير هائل لشبكات الريّ التي عدّها مزارعين، ضربة قاتلة للزراعة في القطاع المحاصر. 

يقول المزارع حسن سمارة: "تدمير الشبكات حوّل عملنا من نظام الريّ بالتنقيط إلى استخدام الدلاء، نحن نحتاج إلى الماء لاستعادة بعض المحاصيل، لكننا أصبحنا لا نملك مقومات تقنية تُساعدنا على إنتاج القليل من المزروعات."

ويحاول سمارة ريّ أحواض من الريحان والكوسا والباذنجان بالطرق البدائية التقليدية كاستخدام زجاجة بلاستيكية مثقوبة، والتي عكف على زراعتها في مساحة لا تتجاوز بضعة أمتار أمام منزله، بعدما تدّمرت مزرعته في حي الزيتون شرق مدينة غزة.

وكانت شبكات الريّ والأنابيب تساعد المزارعين، بحسب سمارة، على ريّ منتظم وسريع لمساحات كبيرة من المزروعات خاصة للمساحات الشجرية؛ يُعقب بينما يتفقد محصول الطماطم: "أصبحنا اليوم نبتكر طرق بدائية تعود للعصر الحجري".

المهندس الزراعي، مصطفى الفيومي، يوضح: "شبكات الريّ هي أساس في عملية الإنتاج الزراعي في غزة. من دونها، لا يمكن الحفاظ على ذات الكم والنوع من المحاصيل الزراعية كالسابق"، ويُضطر المزارعون إلى استخدام طرق بديلة بدائية ومكلفة وغير فعالة، مثل استخدام المياه الجوفية الملوثة أو الاعتماد على مياه الأمطار، مما يزيد من التكاليف ويقلل من جودة المحاصيل.

وبحسب الفيومي فإنّ هذه التحدّيات تُظهِر الحاجة المُلِّحة لإعادة تأهيل شبكات الري وتوفير الدعم الفني والمالي للمزارعين لضمان استدامة الإنتاج الزراعي في قطاع غزة.

وبينما تُشير البيانات الرسمية إلى أنّ 48 ألف متر من شبكة الريّ في أراضي قطاع غزة دُمِرت، يقول الفيومي إنّ حوالي 78% من الأراضي الزراعية في غزة كانت تُروى باستخدام أنظمة الري، وهو ما يعكس أهمية هذه الشبكات في القطاع الزراعي التي أصبحت اليوم عطشى بفعل ممارسات الاحتلال.

بالتوازي مع ذلك، أفادت تقارير الأمم المتحدة إلى أن 97% من المياه في قطاع غزة غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسبب تدمير شبكات الري وتلوث المياه الجوفية، مما يفاقم أزمة الزراعة.

 

ولم يقتصر التدمير في القطاع الزراعي على الأراضي المزروعة بالمحاصيل الزراعية على اختلافها؛ بل امتد ليصل إلى الحدائق العامة التي كانت متنفس للسكان في مدينة تصل فيها الكثافة السُكانية إلى 5,453 فرداً لكل كيلومتر مربع، ضمن مساحة لا تتجاوز 365 كم². 

"كنت آتي إلى هنا دائمًا مع عائلتي وأبنائي، يلعبون الكرة ونحتفل بأعياد ميلادهم"، تقول أم مجد، وهي أمٌ لأربعة أطفال من سكان خانيونس جنوب قطاع غزة، بينما تُشير بيدها إلى الكثير من الخيام في موقع المنتزه الإقليمي- خانيونس الذي اعتادت ارتيادها. "الآن لم يعد هناك مكانٌ آمن لهم، حتى هذه البقعة الخضراء لم تسلم".

قبل الحرب، لعبت حدائق مثل "الجندي المجهول" وسط مدينة غزة و"البرازيل" في رفح جنوب القطاع دوراً محورياً في حياة السكان، وخصوصاً للأطفال الذين يفتقرون إلى مساحات آمنة للعب في هذه البيئة الحضرية المكتظة. كانت هذه الواحات الخضراء نقاط تجمع للعائلات، تمنحهم لحظات من الحياة الطبيعية وسط ظروف الحصار الصعبة.

يُفتقد القطاع الآن لمساحاتٍ خضراء للعب الأطفال الذين يرزحون تحت الحرب منذ أكثر من 18 شهراً، وأصبحت فكرة اللهو بين كتل الركام وتحت تهديد القصف، ضرباً من الوهم.  

ويشكل انتزاع الأشجار وتدميرها انتهاكا للقانون، سواء تعلق ذلك بالمساحات الخضراء اللازمة لنمو الطفل في بيئة صحية، أو حتى المتعلقة بسحق السلة الزراعية وحرمان السكان من الطعام.

بحسب توثيق لمؤسسة الدراسات الفلسطينية فإن من بين 16 حديقة عامة رئيسية في القطاع، تحوّلت العديد إلى ساحات خراب. تدمّرت ستة حدائق بالكامل، وتعرّضت تسعة إلى ضررٍ بالغ، فيما تضرّرت حديقتين جزئيًا. وبعض الحدائق أصبحت أماكن مهجورة تغطيها الأنقاض، فيما تحوّلت أخرى إلى ملاجئ مؤقتة للنازحين الذين فقدوا منازلهم.

 

على نحوٍ آخر، من ضمن هذه المساحات، تعرّضت حدائق للحيوان، للاستهداف والتدمير، وعلى إثرها قُتِلت الكثير من الحيوانات نتيجة القصف أو التجويع، وحيوانات أخرى استطاع القائمون على تلك الحدائق تهجيرها معهم في عمليات نزوحهم شمالي وجنوبي القطاع.

وقالت عبير بطمة، منسقة شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية وأصدقاء الأرض فلسطين إن إعادة تأهيل هذه الحدائق قد يستغرق سنوات، في وقتٍ تعاني فيه غزة من نقصٍ حاد في الموارد الأساسية، بما في ذلك المياه النظيفة والكهرباء، ناهيك عن مواد البناء.

الأمر لا يتعلق فقط بفقدان المساحات الخضراء، توضح بطمة، وتقول: "هذه الحدائق كانت جزءًا من الصحة النفسية للمجتمع، خاصةً بعد التهديدات العسكرية المتتالية، وتدميرها يعني حرمان جيلٍ كامل من مساحةٍ آمنة للنمو".

أما من ناحيةٍ اقتصادية تُقدّر قيمة الخسائر التي لحقت بالحدائق والميادين العامة في مدينة غزة وحدها حوالي 19 مليون دولار، وهو ما يوازي بشكلٍ أو بآخر الخسائر في المساحات الخضراء في المحافظات الأخرى في عموم قطاع غزة.

يقول الباحث الاقتصادي، رامي الزايغ: "هذه المبالغ تُمثل جزءًا من الخسائر الإجمالية التي تكبدتها غزة في قطاع الزراعة والبيئة"، مؤكدًا على أنَّ فقدان المساحات الخضراء يؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة في المدينة ويزيد من معدلات الفقر.

وتُشير التقدّيرات إلى أنَّ الخسائر الزراعية المباشرة اليومية تصلّ إلى حوالي 1.6 مليون دولار أمريكي نتيجة توقف عجلة الإنتاج، في حين يتجاوز إجمالي الخسائر الزراعية 180 مليون دولار .

ويُفصَّل الزايغ هذه الخسائر بقوله: "تشمل تدمير الغطاء النباتي، الأراضي الزراعية، الأشجار المُثمرة، والبيوت البلاستيكية"؛ مما يتسبب في تدهور البيئة وتفاقم أزمة الأمن الغذائي في القطاع.

وخلصت ورقة بحثية حول الآثار الاقتصادية الناجمة عن تدمير القطاع الزراعي إلى أنّ الاقتصاد الغزي قد تأثر بشكل سلبي بليغ من حيث انعدام الأمن الغذائي، والانخفاض البليغ وطويل الأمد في حجم الصادرات الزراعية، والارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية وتحديدًا الزراعية منها، ودخول آلاف من القوى العاملة إلى حيز البطالة.

"هذه الخسائر والآثار تُشير إلى صعوبة قدرة غزة على التعافي في المستقبل القريب"، يضيف الزايغ، مشيرًا إلى أهمية الدعم الدولي لإعادة إعمار القطاع الزراعي.

 

وبحسب مراقبون، تُظهِر الصور الجوية للمنطقة تغيرًا جذريًا في طبيعة الأرض، حيث استخدمت الجرافات العسكرية الإسرائيلية تقنيات التجريف الشامل، مما أدى إلى تدمير طبقة التربة السطحية الخصبة بشكلٍ لا يمكن إصلاحه دون تدخل طويل الأمد.

بالإضافة إلى ذلك، تُشير تقارير محليّة إلى أن تدمير الأراضي الزراعية في غزة ليس عشوائيًا، بل يندرج ضمن إستراتيجية ';الأرض المحروقة'; التي تهدف إلى تقويض المقومات الاقتصادية للقطاع، خاصةً أن الزراعة تمثل 15% من إجمالي الدخل المحلي، وفقًا لبيانات البنك الدولي.

ويرى حقوقيون أنّ تدمير القطاع الزراعي في قطاع غزة إبان الحرب الإسرائيلية يعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وفقًا للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، يُحظر تدمير الممتلكات بشكل عشوائي أو دون ضرورة عسكرية. وهو ما يشمل الأراضي الزراعية التي لا تشكل عادة أهدافًا عسكرية. 

كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يضمن حق الأفراد في الحياة والحرية، وبالتالي فإنّ تدمير المزارع والأراضي الزراعية يُشكِّل انتهاكًا لحق الإنسان في الحياة الكريمة وحقه في الحصول على الغذاء. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر استخدام المواد الكيميائية السامة، مثل القنابل الفسفورية على الأراضي الزراعية، انتهاكًا لقوانين البيئة الدولية، بما في ذلك الاتفاقيات التي تحظر التلوث البيئي الناتج عن الحروب. 

ويؤكد تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (2024) حول حجم الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة، أنَّ هذه السياسات المنهجية لتدمير قطاع الزراعة تُعتبر أيضًا جريمة حرب بموجب المحكمة الجنائية الدولية. كما يضاف إلى ذلك تدمير مصادر الغذاء الذي يرقى إلى مستوى استخدام الجوع كوسيلة حرب، وهو ما يعد جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني.

على الرغم من جميع الخسائر، يواصل المزارعون عملهم، حيث بدأوا بزراعة أشتال بسيطة كالنعناع والبقدونس. "هذه الأشتال الصغيرة تمثل الأمل في المستقبل. هي أكثر من مجرد نباتات، هي رمز لصمودنا"، يقول المزارع حسني جبر، الذي يزرع هذه الأشتال في أرضه الصغيرة.

 

ويرى المهندس الزراعي مصطفى الفيومي أنّ زراعة النعناع والبقدونس تعد خطوة استراتيجية للمزارعين للعودة إلى الزراعة، حيث أنها لا تحتاج إلى الكثير من الموارد من المياه أو المواد الغذائية لتنجح.

ويقول: "هذه المحاصيل خيارًا مثاليًا للمزارعين الذين يعانون من نقص حادّ في المدخلات الزراعية بسبب الدمار الذي طال القطاع الزراعي". كما تمتاز هذه النباتات بقدرتها على النمو بسرعة، مما يعزز من فرص عودة الزراعة بشكل أسرع ويعطي الأمل للمزارعين بأن الأرض يمكن أن تعود لتنتج رغم كل التحدّيات.

على الرغم من أنَّ الطريق إلى إعادة إعمار الزراعة في قطاع غزة يبدو طويلًا، فإنّ الأشتال الصغيرة التي يزرعها المزارعون اليوم قد تكون بذرة لأملٍ لا يموت.