الحرب، العدالة، المسؤولية، محاسبة الجناة

سامي ابي خليل
في ١٨١٢، عندما اجتاح نابوليون روسيا، ظن أنه انتصر وصار يحلم باجتياح إنجلترا ليوحد أوروبا، لكنه خسر أكثر من 25 ألفاً في أول معركة بينما خسارة الروس كانت اكثر من 40 ألف جندي. لكن خسائر فرنسا استمرت في التزايد في المعارك وبعدها. لدرجة أن نابليون وحّد أوروبا كلها ضده وأُجبر على التنازل عن العرش في فرنسا لدفع ثمن أخطائه من جهة، ولإجبار فرنسا على خلع وإزالة عقلية التفكير بالقوة والحرب لتحقيق هدف بإجبارآخرين، من جهة أخرى. والخسارة بعد نكبة كهذه تقدَّر بمئات الآلاف من الأرامل والأيتام الذين خلفتهم هذه الحرب والأثر على المجتمع ضخم.
وفي يومنا اللبناني بصراحة، نكره الساعة التي رأت مَن أخذ بمفرده قراراته المتهوّرة، فتسبب بتشرد وهجرة ودمار وقرر توحيد الساحات لجرّ الوطن للحرب والاستنزاف وهزيمته جاءت من خلال الاستهانة وإهمال قدرات الخصم وسوء الحسابات وعدم الأخذ بعين الاعتبار رأي الآخر اللبناني الذي حذر ونبه الكثيرون من هذا الأمر مراراً.
ماذا ربح لبنان؟
انتهاكات طيران العدو أصبحت حقاً منوطاً رسمياً باتفاق وقف الحرب. بلدات وتلال حدودية أصبحت محتلّة لصالح العدو ومعترفاً بها. تهديدات الحزب للعدو بتدمير منشآت بور حيفا والخزانات البتروكيماوية لم تحصل، بل استباقياً حصل تفجير استباقي كارثيّ لمرفأ بيروت فدمّر وقتل المئات وهجر الآلاف من بيوتهم.
من كان الفاعل القادر على ذلك؟
إسرائيل، لا أحد غيرها لا يخشى العواقب.
من ساند لبنان في هذه الشدة؟
لا أحد، لان كل أصدقاء لبنان نصحوه بعدم التدخل بحرب ستكون مدمرة وليست حربه.
من أعطى الفاعلين غطاءً في تفجير المرفأ برفضه التحقيق وبتضييقه على القضاء واغتال بعدها مدنيين لبنانيين وعسكريين من الجيش كانوا قد انذروا بخطورة المواد المخزنة او حققوا بالأمر أو صحافيين أو مصورين؟
لماذا؟ هل لشكر العدو ترسيمه الحدود البحرية مع لبنان؟ لا أظن. أما الأرجح فهو لخلق سبب بقائه وتسلحه وإبقاء حجة وحالة حرب لتبرير بقاء مقاومة فاشلة لم تستطع تفادي أي اعتداء إسرائيلي او إلحاق أي ضرر معنوي، دبلوماسي أو عسكري أو اقتصادي يُذكر.
لذلك ولأسباب عدة أخرى، ينبغي إعلان حل الحزب والمقاومة كميليشيا وملاحقتها قانونياً كمؤسسة غير شرعية وكقياديين ومسؤولين وأصحاب القرار فيها. فهم عليهم تحمل مسؤوليتهم كاملة عن كل هذه القرارات غير الشرعية والمناقضة لمبدأ الدولة اللبنانية ولحقوق اللبنانيين بالعيش الهادئ حسب نصوص الدستور وبتهمة تواطئهم أيضاً أو ممارسة اللعبة التي أرادها العدو وكأنهم عملاء له (كتفجير البيجر) المصنّع من قبل العدو وروّج له الحزب رسمياً وإعلامياً وعلناً ومناوشاته كانت تمارس منذ سنة وأكثر بتغازل واضح وتصعيد تدريجي وكأنه متفق عليه مسبقاً مع العدو حتى لو تم ذلك عبر وسائل الإعلام.
وهناك من أمر ومن هدد ومن طاع وطبق وهنا لا علاقة للرئيس عون وحزبه كما برّأهم القضاء. ومن هدد ويهدد داخل مجلس الوزراء أو خارجه لا يحق له أن يكون وزيراً بل سجيناً.
لقد فشل بعض سياسيين وميليشيويين وغيرهم من التبعية الخارجية وحلفاؤهم من الداخل الذين قرروا بدء الحرب الأخيرة وكأنهم يملكون الأرض والسكان وقرار الحرب دون شورة. وهذا يشبه العبودية ضد من يرفض هذا الأمر الواقع.
بدأت الحرب بالمناوشات منذ 7 أكتوبر 2023 وانتهت بحرب شاملة بين دولة إسرائيل وميليشيا الحزب في أواخر 2024، فدمرته انحطاطاً اقتصادياً، نفسياً، معنوياً وعسكرياً ولم يفهمها سياسياً بعد؟
فليس من الممكن العيش تحت عبودية دون معرفة ما هو المستقبل ولا نريده مفاجآت تأتي من إيران.
وهذا بغض النظر عن الآراء الخاصة التي تؤيد هذه الحرب غير المدروسة أو التي ترفضها. بل علينا التركيز فقط على نتائج الحرب المدمرة ومسببيها الذين رفضوا الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات من الداخل اللبناني ومن الخارج وحتي من قبل العدو الذي أنذر وهدد مراراً وبشكل رسمي واضح هذا الحزب الذي لم يرد الاستماع وأكمل انتحاره العسكري.
هناك الدلائل المرئية والمعروفة من الجميع وهناك التحقيقات الجنائية والأدلة القانونية الواضحة والمحددة جيداً التي يمكن الاعتراف بها دولياً إذا كانت موثقة، فعندها يصلح استعمالها أمام القضاء الدولي واللبناني.
بناء على ذالك، يتم مقارنة التحقيقات الجنائية التي يتم إجراؤها في سياق الطب الشرعي على المستوى الوطني بالتحقيقات الدولية التي يتم إجراؤها في سياق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
إذا لم يكن عند البعض الجرأة لاستنكار هذا النوع من العبودية ضد شعب لا يريد الحرب، لماذا لا يتقدم ساستنا اللبنانيون بشكوى دولية ضد هؤلاء القياديين الذين يقررون الحرب لمساندة دولة أجنبية؟
وهنا نداء نجدة موجه إلى جميع رؤساء العالم لمساعدتنا لينقذنا للخلاص من هذه الآفة والكابوس.
هل أصبح الشرع ، قائد دمشق، اكثر تسامحاً وانفتاحاً وعدالةً من قادة بيروت أُمّ الشرائع والأديان والحريات؟