جنود الاحتلال قتلى وجرحى في رفح وكتائب القسَّام تكشف التَّفاصيل "الميداني الأردني" في نابلس يجري عمليات جراحية ويواصل تقديم خدماته الطبية الهيئة الخيرية ترد على افتراءات مواد مضللة على الجهد الإغاثي الفايز: التقدم في أي دولة بوابته الأساسية التعليم وزير الزراعة يفتتح مصنعًا لتجهيز البطاطا في الموقر مشاريع جديدة لتحسين الواقع المروري والمعيشي في إربد الصحة تنفي تسجيل حالات تسمم في عنجرة مباراة فلسطين وعُمان ستقام في القويسمة الوحدات يضمن مشاركته في دوري أبطال آسيا 2 الحسين إربد والوحدات في نهائي كأس الأردن قرارات سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة القضاة والحسن : معدلات الجريمة في الأردن لا تزال ضمن المعدل المقبول الخارجية الأميركية: المساعدات الغذائية إلى غزة "على بُعد خطوات" ترامب قطع الاتصال مع نتنياهو الملك يبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي مع شركات من ولاية تكساس الذهب محليا ينخفض تدريجيا الملك يجتمع مع حاكم ولاية تكساس لبحث تعزيز التعاون ترامب: يمكن خفض الرسوم الجمركية على الصين ترامب: توصلنا إلى اتفاق تجاري هو الأول من نوعه مع المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي يحدد إجراءات للرد على الرسوم الأميركية بقيمة 95 مليار يورو
+
أأ
-

"بيت المونة"

{title}
صوت جرش الإخباري

«إسرائيل تعمل إستراتيجياً، ونحن نعمل تكتيكياً.» هذا الاقتباس الذي ورد على لسان باحث فلسطيني في إحدى الجلسات المغلقة التي حضرتها مؤخراً يُلخّص، برأيي، جوهر إشكالية إدارة الصراع العربي-الإسرائيلي.



العمل بشكل إستراتيجي يتطلّب إيجاد آليات لتعزيز صمود المجتمعات وزيادة مرونتها لمواجهة ما هو قادم، وحتى محاولة الالتفاف على ما يمكن أن يُطرح أو يُفرض علينا مستقبلاً. بينما ما نقوم به حاليا هو الانشغال إلى درجة الاجترار بتحليل سياسة الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة، أو محاولة التنبؤ بما يدور في جعبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من مفاجآت. والأجدر أن يُترك هذا كله لمستويات السياسة العليا في الدولة والمراكز البحثية والأكاديمية.

ليس المقصود في هذا الطرح الانتقاص من أهمية انخراط المجتمع في تحليل وتفسير ما يحدث، بل هو بمثابة اقتراح توزيع الأدوار وكسب الوقت والتفكير بإستراتيجية تهدف إلى تمتين الجبهة الداخلية ودعم الموقف الأردني الرسمي على مستوى السياسات الخارجية.



المعطيات التي أمامنا تقول إننا أمام معادلة مليئة بالمتغيرات وحبلى بالمفاجآت، فماذا نحتاج أكثر من زلزال جيوسياسي بحجم 7 أكتوبر وتصدعات هزات سياسية مرتدة بحجم ما حدث في إيران ولبنان والعراق واليمن وسورية مؤخراً، لتفعيل خاصية «الطوارئ» في الاستجابة والتخطيط والعمل؟.



تفعيل هذه الخاصية يحتاج إلى «تَوّقع غير المتوَّقع» (expecting the unexpected) والانتقال من الذهنية التفاعلية التي هي أقرب إلى «ردة الفعل» إلى الذهنية الاستباقية عن طريق «المبادرة بالفعل» في صناعة الأحداث، وهو ما تقوم به فعلاً دول حجزت لها مقاعد في الصفوف الأمامية لصياغة الأحداث في الإقليم كتركيا والأشقاء في الخليج.



الاستباقية «المبادرة بالفعل» على المستوى المحلي تعني تحقيق اختراقات إصلاحية وإنجاز الملفات العالقة، كالتحديث السياسي والاقتصادي والإداري بأسرع وقت ممكن، والانتباه أننا لا نستطيع تحمل كلفة الإخفاق أو التعنت أو سوء الإدارة، لأن ذلك ينتج مزيداً من انعدام الثقة بالمؤسسات.



الاختراقات الإصلاحية مطلوبة أيضا لثبات المؤسسات الوطنية وتقويتها من خلال محاربة الفساد والمحسوبية والحمولة الزائدة، وتطوير البنية التحتية تقنياً وبشرياً. وهذا يحتاج إلى جهد استثنائي من قبل المؤسسات المعنية والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان لاستعادة هيبة المجلس وتعزيز التمثيل السياسي والشعبي للمواطنين. كما يحتاج إلى الارتقاء الفوري بمستوى الخطاب والأداء، والابتعاد عن الاستعراض والشعبوية التي ما زالت حاضرة بقوة، وتفعيل أدوات الرقابة البرلمانية الدستورية، من أجل ترسيخ الأعراف والتقاليد البرلمانية.



وبينما تتطلب الإصلاحات السياسية والإدارية في البلاد جهودًا استثنائية لتمتين المؤسسات الوطنية وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فإن هذه الإصلاحات لا تكتمل دون معالجة القضايا الفكرية والسياسية التي تمس تكوين المجتمع. ومن هنا، يظهر ضرورة فتح ملف الإسلام السياسي بشكل جاد ومسؤول، لا كجزء من المواجهة، بل كجزء من تعزيز قيم المواطنة وحماية الحريات الشخصية، وضمان التوازن السياسي والاجتماعي في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة. وهذا الأمر لن يستوي دون مراجعة ملف الحريات والاعتقالات الإدارية، بما يشبه مصالحة وطنية ومبادرة لتعزز من لحمة النسيج الوطني، وتغلق الباب أمام أي منفذ لأي مؤامرة ومطامع خارجية ممكن أن تضرب النسيج الوطني.



العمل في المرحلة المقبلة يأتي في سياقات صعبة وحساسة، مما يتطلب أن يكون التفكير الإستراتيجي على مستوى عالٍ. التحضير لما هو قادم هو ثقافة أردنية قديمة اجتماعية بامتياز ومن لا يعلم ليسأل عن «بيت المونة»!