جنود الاحتلال قتلى وجرحى في رفح وكتائب القسَّام تكشف التَّفاصيل "الميداني الأردني" في نابلس يجري عمليات جراحية ويواصل تقديم خدماته الطبية الهيئة الخيرية ترد على افتراءات مواد مضللة على الجهد الإغاثي الفايز: التقدم في أي دولة بوابته الأساسية التعليم وزير الزراعة يفتتح مصنعًا لتجهيز البطاطا في الموقر مشاريع جديدة لتحسين الواقع المروري والمعيشي في إربد الصحة تنفي تسجيل حالات تسمم في عنجرة مباراة فلسطين وعُمان ستقام في القويسمة الوحدات يضمن مشاركته في دوري أبطال آسيا 2 الحسين إربد والوحدات في نهائي كأس الأردن قرارات سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة القضاة والحسن : معدلات الجريمة في الأردن لا تزال ضمن المعدل المقبول الخارجية الأميركية: المساعدات الغذائية إلى غزة "على بُعد خطوات" ترامب قطع الاتصال مع نتنياهو الملك يبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي مع شركات من ولاية تكساس الذهب محليا ينخفض تدريجيا الملك يجتمع مع حاكم ولاية تكساس لبحث تعزيز التعاون ترامب: يمكن خفض الرسوم الجمركية على الصين ترامب: توصلنا إلى اتفاق تجاري هو الأول من نوعه مع المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي يحدد إجراءات للرد على الرسوم الأميركية بقيمة 95 مليار يورو
+
أأ
-

فيلم "X مراتي"... هل الإقبال الجماهيري يعكس قيمة هذه الكوميديا؟

{title}
صوت جرش الإخباري

ليس اتهاماً أن يصير الضحك وحده غايةً لفيلم خفيف مرح. لكنّ السؤال الفني، الذي يظلّ طرحه موضوعيّاً وضروريّاً عند تناول كوميديا الشباب في أحدث موجاتها في مصر، هو "كيف يُصنع هذا الضحك سينمائيّاً؟".





فيلم "X مراتي" من تأليف أحمد عبد الوهاب، وكريم سامي، ومن إخراج معتز التوني، وبطولة هشام ماجد ومحمد ممدوح وأمينة خليل ومصطفى غريب ومحمد أوتاكا وعماد رشاد وألفت إمام، يُثير هذا التساؤل المحوريّ عن سينما الـ"لايت كوميدي" الشبابية، وأبجديات صناعتها في السنوات الأخيرة. 

يستدعي الفيلم أيضاً النقاش المفصّل حول عناصر نجاح هذه السينما ورواجها التسويقي على نطاق واسع في داخل مصر وخارجها، وإلى أيّ مدى يُعدّ هذا الإقبال الجماهيري الكبير معياراً كافياً لإثبات تحقق هذه النوعية من الأفلام، وتأثيرها، وقيمتها؟



انطلاق عريض

انطلق فيلم "X مراتي" على المنصات الرقمية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إضافة إلى استمرار حضوره وانتشاره حتى يومنا هذا في دور السينما المصرية والعربية؛ وذلك منذ ظهوره الأول في الأيام الأخيرة من يوليو/ تموز الماضي. 

استطاع "X مراتي" أن يحقق خلال هذه الفترة الوجيزة إيرادات قياسية تجاوزت تسعين مليون جنيه مصري (أكثر من مليون و836 ألف دولار أميركي) في مصر وحدها خلال ما يقرُب من 3 أشهر من عرضه، وفق بيان رسمي للموزع السينمائي محمود الدفراوي. 

حقق الفيلم، وفق البيان ذاته، إيرادات مضاعفة في دور العرض السينمائية في السعودية والإمارات والكويت و‏العراق و‏سلطنة عمان و‏البحرين و‏الأردن و‏سوريا و‏لبنان ومعظم الدول العربية خلال فترة العرض نفسها. 

بهذه الأرقام، يصل "X مراتي" إلى المركز السادس في قائمة الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في تاريخ السينما المصرية، متفوقاً على مجموعة أفلام موسم الصيف الماضي. 

كذلك يتجاوز "X مراتي" أرقاماً متقدمة حققتها أفلام سابقة، منها "شقو" (77 مليوناً و425 ألف جنيه)، و"الحريفة" (74 مليوناً و341 ألف جنيه) في عام 2024، و"كازبلانكا" (80 مليون جنيه)، و"الممر" (75 مليون جنيه) في عام 2019. 





توليفة الرهان

يراهن كثير من صُنّاع الأفلام الكوميدية المصرية الجديدة على هذه التوليفة السائدة، التي تجسّدت للمرة الأولى بشكلها المكتمل في فيلم "سمير وشهير وبهير" (2010)، من إخراج معتز التوني، وبطولة هشام ماجد ورفيقيه أحمد فهمي وشيكو، الذين مضى كل منهم لاحقاً إلى طريق البطولة الفردية.

هذه التوليفة يلتزم بها فريق فيلم "X مراتي"، وعلى رأسهم معتز التوني وهشام ماجد المنتسبان إلى الحالة الفنية، التي صنعها "سمير وشهير وبهير" محدثاً دويّاً عند عرضه الأول، ومحرّكاً سوق الكوميديا التي كانت تعاني وقتها ركوداً، إثر استهلاك الأفكار والثيمات والمعالجات، وتقدّم أعمار كوميديانات الأجيال السابقة من أمثال محمد هنيدي وهاني رمزي وأحمد حلمي وغيرهم.  

القوام الأساسي لهذه التركيبة الكوميدية الجديدة هو ببساطة توليد فكرة فانتازية مبتكرة، تترتب عليها أحداث غرائبية غير منطقية تكسر القصص الواقعية المكررة. والأهم من ذلك كله هو الاشتغال الدقيق بعناية واصطبار بالغين على جميع التفاصيل الصغيرة في المشاهد الضاحكة.

هذه التفاصيل تتولد عادة عن المواقف العجائبية، وتعتمد على الحركة، والإثارة، والمطاردات، وتفجير التناقضات والمفارقات وسوء الفهم، والتنقّل الذكيّ بين المعقول واللامعقول. 

من جهته، يجد الجمهور في هذه الانزياحات والتفاصيل كلها ملاذاً ممتعاً ومريحاً وشيّقاً، ربما للفكاك من قبضة الواقع الثقيل، وإزاحة الهموم والكآبات والظروف الحياتية القاسية جانباً، والخلود إلى الابتسامات المجردة؛ ولو لبعض الوقت.





الزوجة والرجلان

تحت هذه المظلة، تدور كاميرات فيلم "X مراتي" في إطار الكوميديا الاجتماعية الخفيفة. ولأن اللعب على التفاصيل هو الأهم، تأتي الفكرة الفانتازية لتفتح الباب فقط لحركة الأحداث والشخوص وجُملة المفارقات والمواقف غير المتوقعة المستمرة على مدار السيناريو، الذي لا يدّعي أيّة حبكة أو منطقية في تسلسله.

يتولى الطبيب النفسي الهادئ والمسالم والساذج أكثر مما ينبغي، من دون سبب مقنع (يوسف/ هشام ماجد)، مهمة إعداد تقرير في داخل مصلحة السجون عن المجرم الخطير المشاغب أكثر مما ينبغي من دون أسباب واضحة للانحراف (طه/ محمد ممدوح). وبموجب هذا التقرير، يتم الإفراج عن طه من السجن. 

من خلال الحديث المستفيض بين الرجلين، يكتشف الطبيب المثاليّ بالصدفة أنّ المجرم الموغل في الإجرام هو طليق زوجته (سحر/ أمينة خليل)، ووالد ابنها (سليم)، وأنها أخفت عنه ماضيها لسنوات، مدّعية أنها طليقة رجل مرموق (قنصل مصر في النمسا)، وليس مجرماً شديد الشراسة والعدوانية.

تتدفق المواقف والمشاهد والمفارقات كلها في إطار الكر والفر، والصراع العبثي بين الرجلين حول: مَن فيهما الأقوى والأكثر تصالحاً مع نفسه ومجتمعه، والأجدر بحب الزوجة المشتركة، والاستمرار معها، ورعاية طفلها؟ 

هذا الصراع السطحي بينهما يتحول في نهاية الأمر إلى تفاهم وانسجام وشراكة، فيصير العَدوّان الافتراضيان غير المتوازنين صديقين يقيمان في بيت واحد أحياناً، ويكمّلان بعضهما بعضاً في معترك الحياة، التي لا مجال فيها للخير المطلق، ولا للشر المطلق.



استثمار استسهالي

ماذا أضاف "X مراتي" إلى منظومة أفلام الكوميديا الفانتازية، التي تُنعش منذ سنوات دور العرض السينمائي والمنصات الرقمية واسعة الانتشار؟ 

لا تعني الإيرادات الضخمة التي حققها "X مراتي" أنه فيلم فارق أو يُحدث صدمة أو يقدم طفرة مختلفة عن السياق، مثلما حدث في فيلم "سمير وشهير وبهير" مثلاً. 

على العكس، فالحقيقة أن "X مراتي" يتّكئ أكثر ما يتكئ على الاستثمار الاستسهالي لنجاحات تلك الموجة الحديثة من سينما الكوميديا الفانتازية، بجميع عناصرها ومفرداتها المشار إليها سابقاً.

ما يُحسب لـ"X مراتي"، وهذا سبب ما حققه الفيلم من اجتذاب جماهيري واسع النطاق، أنه أمعن في الاشتغال المرهف على سائر التفاصيل المتفجّرة بالكوميديا، بوعي ونضج، مستغلاً خفّة الظل وبراعة الأداء التمثيلي للبطلين هشام ماجد ومحمد ممدوح على الأخص، وقدرتهما الفذّة على الإدهاش المتجدد وتحطيم أفق التوقع على مدار اللحظة، بعكس أمينة خليل التي تفتقر إلى الإطلالة الكوميدية.

السيناريو، الذي يبدو في ظاهره مهلهلاً متسرّعاً في بناء الحدث المتنامي المحبوك وبلورة شخصيات متماسكة، أفسح المجال أيضاً، ربما من دون قصد، لارتجالات عفوية لأبطال العرض، دفعت المواقف إلى حيوية طازجة أبعدتها عن آفات الكوميديا الخطيرة كالاستظراف والافتعال والإفيهات المطوّلة، المصنوعة والمقحمة.

تبقى حساسية الصورة والمهارة الإخراجية عنصر تفوق أيضاً، ليس بإبراز العضلات المفتولة والقدرات السينمائية الخارقة، وإنما بالوقوف بالكاميرا على الأرض والاقتراب من النبض، ورسم ملامح الشخصيات بالتعمق فيها نفسيّاً ووجدانيّاً، من دون ادّعاء شيء أبعد من التسلية البريئة الذكيّة، واقتناص الضحكة الصافية من الهشاشة الإنسانية.