وقف إطلاق النار في غزة: بين تعثر المفاوضات واحتمالات الانفجار

أصدر "مركز الدراسات السياسية والتنموية" ورقة تقدير موقف جديدة حول مستقبل وقف إطلاق النار في غزة، والذي بدأ في 19 يناير 2025، وسط تحديات كبيرة تهدد استمراره، أبرزها تعثر المفاوضات، والتباطؤ الإسرائيلي في تنفيذ بنود الاتفاق، والتصعيد السياسي الداخلي في حكومة الاحتلال.
تعثر تنفيذ الاتفاق وتصاعد الخطاب التحريضي
يكشف التقدير أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم أي ضمانات واضحة بعدم استئناف القتال، ما يثير المخاوف بشأن نواياها الحقيقية تجاه الاتفاق. كما يعرض التقدير الدور الذي يلعبه التيار اليميني المتطرف داخل حكومة الاحتلال في الدفع نحو استئناف العمليات العسكرية، حيث قدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، استقالته احتجاجًا على وقف إطلاق النار، بينما أكد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أنه حصل على تعهدات من نتنياهو بمواصلة الأهداف العسكرية ضد غزة.
في السياق ذاته، أشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلقى ضمانات من الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها الرئيس السابق دونالد ترامب، تتيح لحكومة الاحتلال "استئناف القتال" في حال فشل المرحلة الثانية من الاتفاق، مما يعزز احتمالات التصعيد العسكري مجددًا.
التعطيل الإسرائيلي للبروتوكول الإنساني وتأخير المفاوضات
رصد التقدير استمرار المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ بنود الاتفاق، حيث تأخر إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار البنية التحتية المتضررة، إلى جانب تأخير بدء مفاوضات المرحلة الثانية، رغم أن الاتفاق كان ينص على انطلاقها في 3 فبراير 2025.
وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن الاحتلال سمح بإدخال 8,500 شاحنة مساعدات فقط من أصل 12,000 مطلوبة، فيما لا تزال أزمة الإيواء قائمة، حيث لم يتم إدخال سوى 10% من الخيام المطلوبة، ولم يصل أي من البيوت المتنقلة. كما يمنع الاحتلال دخول المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام، ما يعيق عملية إعادة الإعمار.
خطط التهجير القسري: خطر يهدد سكان غزة
يقدم التقدير قراءة تفصيلية لتصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي دعا إلى تهجير سكان غزة، معتبراً أن القطاع "غير صالح للحياة"، كما كشف التقرير عن مشاورات جرت بين مسؤولين إسرائيليين حول تسهيل هجرة السكان إلى دول ثالثة، ضمن مخطط يلقى دعمًا من اليمين الإسرائيلي.
السيناريوهات المستقبلية: إلى أين يتجه وقف إطلاق النار؟
يستعرض التقرير ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمستقبل وقف إطلاق النار:
1. انهيار الاتفاق بعد المرحلة الأولى، نظرًا للانتهاكات المتكررة والتباطؤ الإسرائيلي المتعمد في تنفيذ الالتزامات.
2. تصعيد تدريجي يؤدي إلى فرض تهجير قسري، وهو سيناريو تدعمه شخصيات إسرائيلية متطرفة وتلقى دعمًا ضمنيًا من إدارة ترامب.
3. الحفاظ على الهدنة بدعم دبلوماسي عربي ودولي، وهو السيناريو الذي يتطلب ضغوطًا قوية على حكومة الاحتلال من الدول العربية والمجتمع الدولي.
توصيات المركز
يخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات، أبرزها:
• مطالبة الوسطاء الدوليين بالضغط على إسرائيل لتنفيذ جميع بنود الاتفاق، خاصة البنود الإنسانية.
• تعزيز الجهود الدبلوماسية والسياسية لحماية المدنيين ومنع انهيار الاتفاق.
• رفض أي محاولات لدمج المراحل والمطالبة بالالتزام بخطة تنفيذ وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل.
• فضح المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير سكان غزة عبر وسائل الإعلام الدولية.
• تنسيق الجهود الفلسطينية الداخلية لتعزيز الوحدة السياسية، ومنع الاحتلال من استغلال الانقسام.
يدعو "مركز الدراسات السياسية والتنموية" الجهات الإعلامية والحقوقية إلى تسليط الضوء على هذه الانتهاكات، والعمل على فضح السياسات الإسرائيلية التي تهدد مستقبل وقف إطلاق النار في غزة.