المسيحيون الصهاينة : نشأتهم - أبرز شخصياتهم - من يدعمون

فراس مهنّا
المسيحيّون الصهاينة، هم فئة من اليمين المسيحي ذي التوجّه السياسي الأوسع في الولايات المتحدة. تضم العديد من الشخصيات الدينية كالراحل جيري فولويل والسياسيين الجمهوريين عن تكساس وأوكلاهوما. وقد أصبح عدد من المسيحيين الإنجيليين أكثر إسماعاً للصوت في مساندتهم للدولة اليهودية.
تعود أصول المسيحية الصهيونية إلى لاهوت التقدير الإلهي في القضايا الأرضية، وهي مقاربة لتفسير الكتاب المقدّس برزت في إنكلترا في القرن التاسع عشر، ويعود الفضل الكبير فيها الى الكاهنين الأنغليكانيين لويس واي، وجون نلسون داربي. وهو شكل سابق لعهد الألفي سنة، وهو يؤكد أن العالم سيختبر فترة من الاضطربات المتفاقمة تستمر حتى عودة المسيح.
ويؤمن أتباعه بأن عودة اليهود الى فلسطين هي عامل أساسيّ في نبوءات العهدين القديم والجديد عن المجيء الثاني للمسيح. وقد أثّر في عدد من السياسيين الإنكليز البارزين، ما جعل وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور أكثر تقبّلاً لفكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
أصبح لاهوت التقدير الإلهي شعبياً في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، بفضل عدد من اللاهوتيين البروتستانت، منهم الإنجيلي دوايت مودي (مؤسس معهد مودي للكتاب المقدس في شيكاغو) مثلاً الكتاب الرائج جداً "كوكب الأرض العظيم الحديث" وسلسلة "الفوات" لتيبموتي لاهاي، هو كناية عن رواية خيالية لأرماجيدون، بلغ مجموع مبيعاتها حوالي خمسين مليون نسخة.
وقد رأى زعماء إسرائيل في حرب الأيام الستة 1967 "معجزة الهية"، مهمّة في بروز حركة التقدير الإلهي كقوة سياسية. فسّر المؤمنون بها احتلال إسرائيل كامل القدس والضفة الغربية (يهودا والسامرة). بأنّه تحقيق لنبوءة العهدين القديم والجديد، وشجعتهم هذه "الإشارات" وغيرهم من المسيحيين الإنجيليين، على الشروع في العمل لضمان وجود الولايات المتحدة "على اليمين"، كما كشفت مخطوطات الكتاب المقدّس حول نهاية الأزمنة. واستناداً إلى تيموثي ويبر، رئيس إكليريكيّة ممفيس اللاهوتية، فقد "اكتفى أتباع الذلاهوت الإلهي، قبل حرب الأيام الستة، بالجلوس في مقاعد مفرّجي التاريخ يشرحون لعبة نهاية الزمان لمن على الملعب تحتهم... لكن بعد توسّع إسرائيل إلى الضفة الغربية وغزة، بدأوا ينزلون إلى الملعب ليتأكدوا من حسن اصطفاف الفرق، وانخرطوا في السياسة، والمال، والدين، بوسائل لم تكن لهم من قبل" ما أدّى إلى ظهور ما يُسمّى اليمين المسيحي، وساعدهم الوجود السياسي المتزايد للحركة الإنجيلية.
وقد أضافت الحركة على مقولاتها ما يسمونه بالمعجزة. حتى تكون هذه المقولات مكيّفة حسب الهوى الشعبي المسيحي، فالمسيح سيعود من عليائه ليقود المؤمنين من اليهود والمسيحيين ليحارب المسلمين الكفار ويقيم مملكة داود الجديدة في القدس. وتلك المملكة سوف يدوم ازدهارها ألف عام. وأطلقوا على هذه المدة الألفية السعيدة.
وقد تغيرموقف اليهود الأوروبيين بعد قيام الحركة الصهيونية وتأييد بلفور، بالرغم من أنّ الأخير كانت له دوافعه السياسية والعسكرية، فإنّنا يجب ألّا نغفل أثر ثقافته الدينية التي لعبت دوراً حاسماً في صدور هذا الوعد، تقول أخته بلانش دوغويل عنه: "وكلّما اشتدّ عوده زاد اعجابه بالفلسفة اليهودية، وكان دائماً يتحدث باهتمام عن ذلك، وما زلت أذكر أنني في طفولتي اقتبست منه الفكرة القائلة، بأنّ الدين النصراني والحضارة النصرانية، مدينة بالشيء الكثير لليهودية".
ومن المؤسسات المسيحية الصهيونية التي تمثل الذراع لهذا التيّار الشيطانيّ:
المصرف الأميركيّ المسيحيّ من أجل إسرائيل ومهمّته تمويل استملاك الأراضي العربيّة في فلسطين، وبناء المستوطنات الصهيونية.
مؤتمر القيادة الوطنية المسيحية من أجل إسرائيل ورئيسه فرانكلين ليتل صاحب شعار: "لتكون مسيحيّاً يجب أن تكون يهوديّاً"
وهناك الكثير أيضاً.
وقد أعلنت الكنائس الإنجيلية خلال مؤتمر الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط الذي انعقد في العاصمة الأردنية عمان (30 مارس-2 أبريل 2006) بعنوان (الإنجيليون وما يسمى بالمسيحية الصهيونية) وحضره قساوسة من الكنائس الانجيلية في مصر وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين والكويت. براءة المسيحية ممّا يُسمّى المسيحية الصهيونية، مؤكدةً أن المسيحية في مبادئها السامية لا تتفق مع الصهيونية الاستعمارية، وطالبت المسيحيين الغربيين بأن يرفعوا أصواتهم لرفض الظلم الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، حتى يصل صوتهم للادارة الأميركية.
وأوضح البيان الختامي للمؤتمر أن المسيحية ترفض كل أشكال العنف والعدوان وكل صور القهر والظلم وتشريد الأبرياء وترويع الآمنين وأنه لا توجد "مسيحية صهيونية".
أمّا المطران عطالله حنا فيقول: أرفض رفضاً مطلقاً تسمية هذه الجماعات المتصهينة (المسيحية الصهيونية) وأننا لا نعترف بوجودها لأنّ المسيحية هي رسالة سلام ومحبة ووئام وخلاص، أمّا الحركة الصهيونية فهي حركة عنصرية حاقدة هدّامة محرّفة لتعاليم الكتاب المقدس وتنظر بعين البعض والكراهية إلى كلّ من ليس يهودياً.
خارج سياق النص يعتبر مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة أنّ أول شهيد ضدّ اليهودية هو ابن سوريا الطبيعية السيّد المسيح.
ختاماً أنّه على كنائس المشرق ومنها الكنيسة الإنجيلية أن تأخذ موقفاً واضحاً من هذه المجموعة التي تتحكّم بمفاصل الحكم في الولايات المتحدة وعقيدتها المنضوية تحت عباءة الإنجيلية المتصهينة تحت ركيزة معركة أرماجيدون، وإلّا ستظلّ هذه الكنائس تحت الشبهات.